Powered By Blogger

السبت، 25 أكتوبر 2014

                                                      صحيفة الامناء الخميس 23 اكتوبر 2014م                                                      

        الحُرة نعمة وأحرار الجنوب !       

   أحمد محمود السلامي   

الحرة نعمة شخصية حقيقية عاشت إلى سبعينيات القرن الماضي في إحدى قرى الجنوب العربي وكانت امرأة بسيطة وفقيرة عزيزة النفس لم تمد يدها لأي شخص حتى إذا جاعت .. لم تتزوج وقضت سنوات طويلة من عمرها وماتت وهي تبحث عن العدل والإنصاف في قضية أرض متنازع عليها مع أقربائها في محكمة المدينة التي تبعد عن القرية خمسة كيلومترات ونيف تقطعها مشياً على الأقدام وهي تحدثُ نفسها بصوت مسموع عن ما سوف تقوله في المحكمة ، وفي طريق العودة تتحدث وتثرثر عن ما حصل في المحكمة ، وكانت لا تصمت حتى دقيقة واحدة ، مشكلتها كانت تكمن في عدم قدرتها على استيعاب واقعها بشكل جيد  والتعاطي معه ولا تستمع إلى الآراء والنصائح التي تسدى إليها من عقلاء القرية ، وتبرر ذلك  بأنها صاحبة حق ولا شيء غير الحق ، حتى تقدير المسافات والزمن كانت لا تأبه به !! فمثلاً كانت عندما تشعر بالعطش ويجف فمها وهي في طريقها إلى المدينة وقد قطعت ثلثي المسافة تعود إلى بيتها في القرية لتشرب الماء وتأخذ نَفَسْ ثم تبدأ مشوارها إلى المدينة من جديد !! ما دعاني إلى استذكار هذه القصة اليوم هو حال أحرار الجنوب  أصحاب القضية العادلة الذين بحت أصواتهم وهم يطالبون المجتمع الدولي والعالم كله بمساعدتهم في استعادة وطنهم المسلوب لأنهم أصحاب حق ولا شيء غير الحق .. هناك مشاريع عدة تُطرح على الساحة تتعلق بمرحلة ما بعد  استعادة الوطن ، أخطر هذه المشاريع  هي التي تنادي بالعودة إلى دولة ما قبل مايو 90م أو ما بعد نوفمبر 67م  مثل الحرة نعمة التي تعود من نصف الطريق إلى نقطة الصفر لغرض شرب الماء وأخذ نَفَسْ !! وهكذا كانت تفعل الحرة نعمة في مسيرتها الطويلة التي انتهت بموتها ولم تتحقق أهدافها وكأن شيئاً لم يكن. الرجوع إلى الخلف والانطلاق إلى الأمام أسلوب تكتيكي تقليدي لا ينفع استخدامه في وقتنا الحاضر وفي ظل حدوث متغيرات كبيرة ورهيبة في كل المجالات ، فلماذا نعود إلى الخلف أو إلى نقطة الصفر ؟!! لماذا لا نبدأ من حيث انتهينا ؟!! نستفيد من التطورات و الأحداث  العالمية التي تمر بسرعة وتتغير فيها الموازين والحسابات في ليلة وضحاها  ، ونحن للأسف  نتغنى بالعودة إلى الماضي تحت حجة استعادة الدولة عبر ما يسمى بالفترة الانتقالية وتسليم السلطة للشباب باستخدام سيناريو يستغل عواطف الأحرار البسطاء من أبناء الجنوب الذين طحنتهم الصراعات والحروب ، بالتأكيد هذه مجرد كذبة مفضوحة يُراد بها  ذر الرماد في العيون ! الهدف منها هو تقديم المشاريع الشخصية و المناطقية الضيقة على مصلحة الوطن .  اعلموا أيها الجنوبيون الأحرار أن  كُلفة العودة إلى أشكال الحكم المنقرضة  والتي عفى عليها الزمن ستكون هي الأعلى مقارنة مع كُلف المراحل السابقة .  إننا بحاجة اليوم إلى دولة جديدة تبنى على أسس اقتصادية وسياسية صحيحة تحقق التنمية والعدالة الاجتماعية و تكفل للمواطن حقه في العيش الكريم والآمن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://www.alomanaa.net/news/16964/



الجمعة، 17 أكتوبر 2014

صحيفة الامناء الخميس 16 اكتوبر 2014م 
 نريد جنوباً من طرازٍ جديد ! 

احمد محمود السلامي



نبارك لكل أبناء الجنوب هذا النضال السلمي الراقي .. هذه السيول البشرية التي تجتمع على كلمة واحدة هي (الوطن) لا يوجد أسمى وأنبل من هذا الاتحاد البشري الذي يفتح أمام كل أبناء الجنوب أبواب الأمل والتطلع إلى المستقبل المشرق وهو بناء الدولة الجنوبية الجديدة على أسس حديثة وفق متغيرات العصر وسماته الراهنة .. دولة لا تشبه الطراز الأول ولا الثاني ولا الثالث ، دولة تختزل مسيرة 47 سنة بكل ما فيها من أحداث ومراحل عجاف أرهقت كاهل المواطن وقوّست ظهره وفي الأخير سلبته أغلى ما يملك (وطنه) ، دولة الجنوب الجديدة يجب ألا تُستنسخ من سابقاتها لا بشكلها ولا بمضمونها ولا بشخوصها .. تلك التجارب مكانها الحقيقي متحف الماضي متحف التاريخ والعبر  ! خلاص  سئمنا استنساخ وتجارب فاشلة أوصلتنا إلى كف الشيطان على طبق من ذهب .. اليوم الملايين من أبناء الجنوب لن ولن يقبلوا أن يكونوا فئران تجارب مرة أخرى مهما كان الأمر أو قطعان تتحكم فيها نزوات وشهوات السياسيين الانتهازيين !
إنهم الان أحرار ولن يقبلوا أن يكونوا تابعين لأحد مرة أخرى لا لحزب أو لأشخاص أو لدولة خارجية ولا لفكر متخلف  .. المتخمون بالفساد الذين تمتلأ خزائنهم بخيرات وطننا وأموال شعبه المقهور ، يتوهمون أن الجنوبيين سيفشلون في تحقيق هدفهم ! ويعزون ذلك إلى عدم وحدة صفهم الداخلي !! هذا ما يتمناه هؤلاء ويراهنوا عليه صباحاً ومساءً وبات هذا الوهم هو عزاءهم الوحيد وأمنيتهم الأخيرة قبل أن يخسؤوا والى الأبد .
شعب الجنوب الان يضرب أمثال رائعة في الصمود والتلاحم ستشكل هي التاريخ الحقيقي لنضاله وتضحيته وتتعاظم وحدته كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة ، أثبتت مليونية 14 أكتوبر ذلك دون شك أو ريب ، غيرت مفهوم المليونيات من حشود يراد منها توصيل رسائل دولية إلى حشود للفعل الحقيقي ، انظمت إليها دماء جديدة كانت صامتة  لأنها طحنت من زمان ، هي الفئة الصامتة التي تنفضُ الان عن نفسها غبار الظلم والتهميش والتعسف .
حتماً ستتحطم كل المراهنات وستتغير كل موازين  الوضع سريعاً وستنتصر ثورة شعب الجنوب العربي الأبي ويتحقق حلمه، وحينها سيأتي دور القيادات الكفؤة والقدرات الإدارية والعلمية لتنفيذ مهام بناء الدولة والتأسيس لنظام حكم ديمقراطي جديد يحقق التنمية والعدالة والعيش الحر .. بعيداً عن التقاسم أو الشعور لدى البعض الأحقية في قطف ثمار الثورة بشكل مبكر كما حصل لثورات الربيع العربي التي فشلت كلها و(كأنك يا بو زيد ما غزيت) ، لابد أن يقدم ربيع الجنوب أنموذجاً رائعاً تحتذي به شعوب المنطقة التي تنشد الحرية والاستقلال و الانعتاق من الظلم والاستبداد .

الرابط :

http://www.alomanaa.net/news/16800/


الأربعاء، 1 أكتوبر 2014


صحيفة الأمناء الثلاثاء 30 سبتمبر 2014 م

    تكــلم لكي أراك !!    

احمد محمود السلّامي


الكلام مهم وله قيمة حقيقية في حياة البشر فهو وسيلة مثلى للاتصال والتواصل بينهم وكذا وسيلة للتعريف بالذات وتكوين صورة تحليلية أولية عن شخصية المتكلم ، ولا يمكن أن نتعرف على فكر أو أراء الأشخاص إلا إذا تحدثوا  وعبروا عن تلك الأفكار الشخصية الهامة أو التافهة أو المشاكسة تكــلم لكي أراك عبارة لها معنى فلسفي عميق ، لا تزال تُستخدم إلى يومنا هذا منذ أن قالها الفيلسوف اليوناني سقراط لأحد تلاميذه قبل الميلاد بــ 400 سنة ويقصد  سقراط  هنا ! أنه  لا يرى الناس كما يبدون من مظاهرهم !! ولو وصل الناس لهذا العمق من التفكير لاختاروا الصمت عن النطق والكتابة، دائما ما نتمنى في أنفسنا لو أن فلاناً من الناس بقي صامتاً ونرى أن هذا أفضل له ولنا !! أحياناً الكلام قد يرفع صاحبه إلى أعلى المستويات وقد يعصف به إلى سابع أرض وهذا يعتمد على ذكاء الشخص المتكلم ولحن حديثه واختيار الأفكار  المركزة التي تصلح لهذا المقام أو ذاك ، كما أن للتوقيت دوراً مهماً في توفير مناخ التأثير القوي للكلام  أو  الضعيف  لكن الأمر المحير هو إصرار بعض المتكلمين  على الاستمرار والمضي في التكلم والتحدث بصوت عالٍ لا تستطع أن تفهم منهم فكرة محددة جلية وواضحة ! ومن المؤسف حقاً توظيف الكثير من أولئك المتكلمين والخطباء لخدمة السياسة والصراع على السلطة مستخدمين الكثير من المفاهيم والأطروحات السياسية والدينية  في إطار فرق وجماعات متعددة منذ عصر الدولة الأموية الذي أصبحت فيه أكثر بلاغة وحتى الآن ، وهم يتفاوتون في المقاصد والأهداف فمنهم من لديه قضية عادلة أو مساهمة إنسانية واجبة ومنهم من يستعرض فصاحته وقدراته الكلامية ويزهو  بها مثل  طاووس منتفخ الأوداج يزهو بألوان ريشه الجميلة  ، وآخرٌ يصمُ الآذان بكلامه  من أجل الكسب المادي أو من أجل الجاه والسلطة. اليوم يحاصرنا الكلام ( الخطابة ) في كل مكان و يغزو منازلنا وعقولنا وينتهك خلوتنا وخصوصياتنا ويتسلل إلى هواتفنا دون إذن مسبق !! فقد تحولت الخطابة من قوة تتكلف بالإقناع الممكن كما عرفها الفيلسوف الإسلامي ابن رشد ، إلى وسيلة تتكلف بتثبيت المثل الشعبي القائل : ( التكرار يعلم الحمار ) ، تخيلوا لو أن صاحب المقولة ( سقراط ) عائش إلى الآن ! هل سيدافع عن مقولته الشهيرة؟ أنا أتصور أنه سيتخلى عنها  وأنه سيغيرها إلى : لا تتكــلم كي لا أراك ! .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرابط