صحيفة الامناء الخميس 21 أعسطس 2014م
لحـــــــج .. وجدان إنسان وثقافة شـــعب !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمـد محمــود الســلّامي
استفزني منشور احد الأصدقاء على صفحته في
الفيس بوك وصف في مضمونه سلاطين لحج بأنهم نسخة من الإمام احمد إمام اليمن ، وقال قبل
أن يستدرك ! انه يتذكر عندما كان في الابتدائية وكان يذهب إلى قرية الوهط في زيارة
لأقاربه وفي المساء كان يسمع صوت (ماطور) قوي وعرف فيما بعد أن ذلك صوت مولد الكهرباء
الخاص بالسلطان .. وقد تسأل هو : كيف السلطان عنده كهرباء و الوهط في ظلام ؟.. ولهذا
هو اعتبر ذلك ظلماً كظلم الإمام احمد .. لكنه ظلمَ سلطان لحج في نفس الوقت !! أنا لا
الومه فهو إنسان طيب القلب ومتعلم وخبير في تخصصه العلمي ، وقد تنقصه بعض المعلومات
التاريخية كما أظن وهذا ليس عيباً .. في قرى لحج المجاورة لمدينة الحوطة في كل مساء يُسمع هدير المضخات التي تستخرج المياه الجوفية لري المزارع في فصل
الصيف حيث تتم عملية الري في المساء تجنباً لأشعة الشمس التي تساعد على تبخر الماء
وجفاف مياه الري بسرعة . أما كهرباء لحج فكانت
مرتبطة بشبكة مستعمرة عدن وتغذي فقط مدينة
الحوطة وجزء من قرية صبر وبئر ناصر حيث تنتشر آبار المياه والخزانات الكبيرة التي كانت
تموّن مستعمرة عدن ودار سعد بالمياه العذبة الصالحة للشرب ، سلاطين لحج لم يكونوا نسخة
من الإمام ابداً ولا شبيهاً له .. هم و أبناؤهم أُناس مدنيين بسطاء منفتحين على العالم
ربطتهم برعيتهم مودة ورحمة ، أقاموا العدل بواسطة قضاء مستقل وعملوا على تنمية لحج
وتطويرها من كافة الجوانب : أقاموا المستشفيات و انشأوا السدود الأنظمة الزراعية الجيدة
التي تحفظ حق المزارع في الري وتقدم له الإرشادات الصحيحة في زراعة القطن والخضار والفواكه
تحت إشراف لجنة من ذوي الخبرة و المسؤولين تسمى " لجنة الإنعاش الزراعي"
.. وفي سلطنة لحج حظي التعليم باهتمام ورعاية خاصة ، و الكثير من أبناء لحج إلى الان
لم يسمعوا بــ ((" هيئة التعليم الأهلية اللحجية " هذه الهيئة أنشأتها السلطنة
العبدلية بالتعاون مع الأهالي تتولى فتح المدارس الجديدة و إرسال اكبر عدد من أبناء
السلطنة للدراسة الجامعية والتخصصية في الخارج . ميزانيتها تأتي من الرسوم حيث يأخذ
على كل سيارة أجرة أو نقل تخرج من الحوطة مبلغ 20سنت ( باولة ) فتتجمع من هذه المبالغ لتصل إلى 650 دينار شهري تسلم للهيئة .كما
انه في مطلع كل شهر يدفع كل موظف 1% من راتبه للهيئة كانت محصلتها 100 دينار شهريا
.. وكذلك أضيفت إلى كل تذكرة سينما 10 سنت (عانتين) . فيما تأخذ الهيئة من المزارعين 1 سنت على كل قنطار(100 رطل) من القطن . وكانت حكومة
السلطنة ترفد هيئة التعليم سنويا بــ 5 ألف
دينار سنويا )).. كما شهدت لحج نهضة ثقافية
وفنية و رياضية كبيرة ، جعلت منها بلداً للفن والثقافة والرقي ويشهد على ذلك التراث
اللحجي والموروث الثقافي والاجتماعي المتنوع الذي تقع على عاتق كل لحجي مسؤولية الحفاظ
عليه من الاندثار أو التزييف او السطو . كانت سلطنة لحج سلطنة دستورية بموجب الدستور
اللحجي وهو أول دستور في منطقة الجزيرة والخليج الذي نص ان الناس أمام القانون
سواء ، ووفق الدستور أنشئ المجلس التشريعي ومجلس المديرين (مجلس الوزراء ) والمجالس
البلدية التي مارست صلاحياتها وفق تخصصاتها ، في الوقت الذي كانت المملكة المتوكلية
اليمنية تئن تحت وطأة الحكم الكهنوتي المتخلف والمنغلق على نفسه فكانت اليمن تعيش في
تخلف وقهر وظلم ليس له مثيل .. لهذا أقول ليس هناك وجه للمقارنة على الإطلاق .
....................
رابط المقال :
http://www.alomanaa.net/uploads/files/1408610970.pdf
..................
* الارقام والصور مأخوذة من استطلاع مجلة العربي عام 1965م
" سلطنة لحج ملكة واحات الجنوب العربي "