Powered By Blogger

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017

عدن الغد الثلاثاء 28 نوفمبر 2017م

 محمود جعفر محافظ عدن الأسبق ،يرقدُ ما بين الحياة والموت!

كتب / أحمد محمود السلامي




ما أصعب أن ترى شخصاً كبير المقام نظيف اليد ، مناضلاً جسوراً وهب شبابه فداءً لقضية شعبه ووطنه .. ما أصعب أن تراه مسجياً في غرفة إنعاش مغمض العينين هامداً دون حركة منذ أيام طويلة ينتظر مشيئة الخالق القادر على كل شيء سبحانه .
لحظات ألم تعصف بي عندما اسمع أن مشاعل وهامات وطنية كبيرة  ينطفئ نورها وترحل عنا إلى باريها بصمت ، دون أن تجد الرعاية المجتمعية اللازمة ، بل أنها عانت الأمرين : وطأة الأمراض المبرحة ، و معاناة اللامبالاة الرسمية يلقونها في كل المراحل .. نحن كإعلاميين لا نملك إلا أقلامنا الشريفة ومواهبنا المتواضعة في الكتابة والتوثيق لمسيرة تلك الكوكبة من الناس العظماء .. وهذا اقل ما يمكن عمله نحوهم .
المناضل والفدائي والمحافظ ومدير مكتب رئيس الوزراء والسفير ابن عدن البار (محمود محمد جعفر الشاذلي ) واحد من تلك الهامات المنسية ، يرقد منذ شهر في قسم الإنعاش بمستشفي صابر ( الخاص ) .. ولا احد يعلم بحالته غير أسرته والمقربون منه فقط ، الذين يكتنفهم الحزن الشديد و ترهقهم مصاريف التمديد والعلاج والديون التي سيعانون منها كثيراً خاصة وانه لم يستلم راتب عشرة أشهر كما ذكرت لي أخته التربوية القديرة والمناضلة فوزية جعفر الشاذلي عندما اتصلت بها للاطمئنان على صحته .
ولد محمود في كريتر في 19 أغسطس عام 1938م ودرس في مدارسها الابتدائية والمتوسطة وواصل دراسته في  كلية عدن (Aden College) وتخرج منها عام 1955م ليلتحق بالعمل في شركة البس قطاع البترول في البريقة .
 في بداية ستينيات القرن الماضي عندما تشكلت النقابات العمالية الست كان محمود جعفر من مؤسسيها وقياداتها (النقابة العامة لعمال البترول ) مع زملاءه في النقابة محمد صالح عولقي وحسن فرحان ومحمد سالم عبدالله وأبوبكر شفيق وحسين دقمي وقد تصدرت النقابات الست والمؤتمر العمالي المشهد النضالي للمطالبة بحقوق العمال والدعوة للإضرابات ضد سياسة  الاستعمار البريطاني في عدن .
عند قيام الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل عام 1963م انظم مباشرة إليها ضمن الطلائع الأولى للعمل الفدائي في عدن وخضع للتدريب على استخدام السلاح ورمي القنابل وطرق التخفي من ملاحقة قوات الاحتلال البريطاني .
في ديسمبر 1964م كلف بقيادة عملية تفجير باص تابع لجنود الاحتلال البريطاني كان ينقلهم كل ليلة من المعلا إلى معسكر البوليس الحربي (Arm Police) بكريتر  .. مساء الخميس 4 ديسمبر 1964م ، وفي شارع الملكة أورى بكريتر وبالقرب من طريق العقبة مدخل الخساف كان محمود يقف على مقربة من زميله الفدائي محمد علي الحبيشي المكلف برمي القنبلة وفي اللحظة المرتقبة فوجئ محمود بأن الباص يحمل أطفالا إنجليز في عمر الزهور فصاح : أوقف العملية أوقف ! لكن الحبيشي كان قد نزع أمان القنبلة وفي موقف أنساني تصلبت يداه وما هي إلا ثواني حتى انفجرت القنبلة ، استشهد الحبيشي وأصيب محمود بشظايا في يده اليسرى ونقل إلى مستشفى الملكة لتلقي العلاج ، ومن هناك أخذه الانجليز إلى سجن عدن ـ الواقع في كريترـ وكان بين واليوم والأخر يأخذوه إلى سجن رأس مربط الرهيب ـ في التواهي ـ للتحقيق والتعذيب حتى يعترف ، ولكنه صمد إلى أن تم تهريبه .
أعدت قيادة الجبهة القومية خطة لتهريبه .. تقدمت أخته بطلب إلى الضابط محمود عبدالوهاب شودري ( مدير سجن عدن من 1959م  ــ 1968م ) للسماح للسجين محمود محمد جعفر الشاذلي بالخروج لزيارة امة التي تحتضر .. فسمح له مدير السجن الخروج مع عسكري إلى بيت الشاذلي القريب ، كان للبيت بابان ، دخل محمود من الباب الأمامي المقابل لبيت يوسف خان وسلّم على أهله وخرج مسرعاً من الباب الخلفي ، وهناك وجد خاله مصطفى علي إبراهيم ( والد القاضي قاصر مصطفى ) في انتظاره ، ليأخذه إلى منطقة الرزميت حيث كانت بانتظاره المناضلة نجوى مكاوي (عنصر التنسيق الاساسي في الخطة) التي ذهبت به إلى قرية بئر احمد وسلمته للمناضل يوسف علي بن علي (استشهد في أحداث 13 يناير 1986م) وهو بدوره أوصله إلى مدينة تعز ليلتحق برفاق السلاح قادة الجبهة القومية ويمارس نشاطه الثوري من هناك .
بعد الاستقلال عاد محمود واختير عضواً في القيادة العامة للجبهة القومية .
في عام 1969م ــ  1971م عين مديراً لمكتب رئيس الوزراء (محمد علي هيثم ) .
في عام 1971م ــ 1972م عين محافظاً للمحافظة الأولى (عدن) بعد سلفه نورالدين قاسم ، وخلفه بعد ذلك طه احمد غانم .
أواخر 1972م عين سفيراً لليمن الديمقراطية في الهند  وقبل الذهاب لاستلام مهامه الجديدة شارك في مؤتمر الدبلوماسيين في ابريل وقد حالفه الحظ انه لم يكن من ركاب طائرة الموت الـ DC3 التي انفجرت فوق منطقة بحران في ظروف غامضة حيث كانت في طريقها من مطار عتق إلى مطار الغرف بحضرموت في 30 ابريل 1973م .

بعد هذا الحادث غادر إلى العاصمة الهندية دلهي واستلم مهامه كسفير هناك وفي الشهر الأول بدأ يشعر بتطفل المسئول الأمني في السفارة وتدخله في مهام السفير، كما استلم رسالة تطلب منه العودة إلى عدن ، أعقبتها رسالة أخرى تأمره ترك مهامه كسفير العودة نظراً لحاجتهم له في الداخل ، استشعر محمود خطورة الموقف .. ابلغ طاقم السفارة بعودته وحزم أمتعته الشخصية وغادر الهند بمعية حرمه السيدة الفاضلة نورالهدى إبراهيم بامدهف وأولاده وعند وصوله الكويت غير خط رحلته القاهرة التي مكث فيها مدة عامين .
عام 1975م غادر مصر إلى السعودية حيث عمل موظفاً في شركة شل لمدة خمس سنوات .
عام 1990م عاد إلى صنعاء وتم تعيينه مستشاراً في مجلس الوزراء بدرجة وزير ، بعد ذلك بسنوات استقر في عدن رغم ظروف المرض والمعاناة . 
محمود محمد جعفر ، رجل شهم وشجاع لا يتردد في قول الحقيقة بكل شفافية عندما تسأله يرد عليك بكل تواضع .. رغم الشتات والغربة الطويلة تراه دائما مبتسماً ومحافظاً على لهجته العدنية بلكنة آل كريتر وبفطرتهم وحفاظهم على شعائر العبادة والصلاة .
أتمنى لك الشفاء .. أخي أبو محيي الدين ، سوف تذكرك الأجيال القادمة يا شمعة احترقت لتنير لنا الطريق .. قضيتك وقضيتنا لم تنته بعد ، مازال الطريق طويلاً جداً أمامنا .. سلمتمونا الراية بكل ثقلها و ستنتقل دواليك إلى الأجيال القادمة حتى يتحقق النصر للوطن .
 http://old.adengd.net/news/289941/


السبت، 18 نوفمبر 2017

صحيفة الامناء السبت 18 نوفمبر 2017م  https://alomanaa.net/art21140.html

         خواطر عن الغباء الجنوني !        

   بقلم :أحمد محمود السلامي



الانتصار بداية

ثلة من الأغبياء .. انتصروا ، فكانت بداية هزيمتهم ! تبعهم القطيع .. ارهبوه في البداية مزقوه شردوه ، أوقفوه في طوابير العلف الردئ  وقتلوا وسجنوا كل من يقول ماااااااء . كان القطيع في النهار يحتشد ويرقص خوفاً من تهمة الخيانة والعمالة .. وفي المساء يكتمُ تأوهاته الحزينة ويخفي دموعه من عسس الليل و زوار الفجر . كان الأغبياء يقضون ساعات ليليهم بالاستمتاع بنهش لحم سخل القطيع الطري واحتساء كؤوس القبح والتأمر النتنة . كانوا يتباهون ويفتخرون بغبائهم الشديد وبانجازات العنف المنظم لتثبيت أمور مزرعة القطيع  بعد أن طردوا إلى غير رجعة الرجل العجوز الذي أنشأها وجعلها جنة الدنيا .

استقطاب وتأمر

في كل مرحلة زمنية جنونية تستقطب الثلة أعداد كبيرة  من أغبياء القطيع وتسخّرهم في خدمة أفكارهم الرعناء التي تدمر المزرعة بعدما هرب الكثير من أفراد القطيع إلى مزارع أخرى للبحث عن حياة أفضل واشرف .
كان الأغبياء في حالة تأمر مستمرة على بعضهم البعض .. وعلى استعداد دائم للتصفيات المتبادلة والإزاحة والقتل والتنكيل من اجل أرضاء ذاتهم المريضة وللحصول على المزيد من لوازم الزهو والغرور بانتمائهم العالمي .. كان الغباء الجنوني لديهم لص سريع يخطف كل آمال القطيع ويصادر حقوقه ويقتل حلمه في العيش الكريم .

تخوين

كانت الحانات والمقرات التي امتلأت جدرانها بصور الزعيم اوليانوف و القائد تشي وهو يدخن السيجار الفاخر ، وصور مناضلي  جبهة ساندينستا والقائد هو شي ، هي الأماكن المناسبة لتأليف الشعارات و للتنظير والدس والتأمر .. عندما يشتبهون في احدهم بأنه بدأ يُفيق من غباءهِ وانه يعمل في سبيل تطوير المزرعة وإعلاء شأن القطيع ، تنطلق خطة التخوين والإقصاء والتصفية بتهمة الانحراف بالتجربة وخيانة لنظريات الغباء الجنوني المتأصل .

4ـ تدمير

الأغبياء عاثوا في المزرعة فساداً خربوها ، دمروا أشجارها الباسقة المثمرة .. داسوا بأقدامهم النتنة على أزهارها وورودها و شوّهوا جَمالها الأخاذ .. قتلوا ألاف من خيرة أفراد القطيع .. أصبحت رائحة الدم تلوث هواها العليل وصور سلخ القطيع تُنشر في أحواضها ومشاتلها ، حتى جعل الرعبُ من الدم ، رايتهُ الحمراء .
صار مؤكدا  الآن .. إن هذه الأفعال لا ينتجها إلا الأغبياء ! الذين حصلوا على كل شيء وأضاعوا  كل شيء . لم يتبق لديهم للتباهي به غير بعض الأسس الإدارية التي وضعها الرجل العجوز لتنظيم عمل المزرعة .. اما  أهدافهم وشعاراتهم الجوفاء فقد فشلت جميعها ، ولم يتبق إلا هدف واحد ، هو قدر ومصير القطيع (بيع المزرعة) !

بيع المزرعة

"بعد خراب مالطا" بأربع سنوات ، بيعت المزرعة إلى التاجر شيلوك الجشع ، الذي جمع ثروة طائلة من المال الحرام والسلب والنهب ، ولم يكتفي بهذا بل كان يجتز قطع اللحم من أفخاذ القطيع وهي واقفة دون رحمة أو شفقة ، كانت فترة هيمنة شيلوك أكثر وأطول زمناً ، استباح هو ومنافقيه وحلفاء الشر كل شيء في المزرعة حتى الأحذية والنفايات لم تسلم من جشعه . كانت تلك أقبح مرحلة مرت بها المزرعة ، دارت فيها كثيراً من الحروب وكثيراً من الدماء والأشلاء ، جاع القطيع و انهارت الأخلاق كما تنهار الأبراج العالية ، تمزق نسيج القيم وصار رماداً ينثر في الهواء .. ومع كل هذا يطلقوا على أنفسهم لقب حكماء .
المطلب الوحيد
آاااااه يا رفيق العذاب والشقاء .. ماذا نريدُ أنا وأنت ؟ نريدُ نهاراً ذهبياً ، وليلاً مضيئاً  تتلألأ فيه الأضواء وترسم ابتسامات الحب والسلام في مدينتنا المكلومة ، نريدُ  أن يغادرنا الأغبياء الجُددْ ، لا نريدُ غباء جنوني مرة أخرى .   
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روابط المقال :