Powered By Blogger

الاثنين، 17 أغسطس 2015

 الامناء نت 8 يوليو 2015م

   * حكاية عن   7 / 7   

   القرار الدولي وأراضي الفيوش !!   

بقلم: أحمد محمود السلّامي


ا


كان يوم الأربعاء 6 يوليو94م يوماً كئيباً وحزيناً على عدن  .. عندما تنظر الى وجوه سكان المدينة تجدها شاحبة هجرها الفرح و أظناها الجرح النازف وقهر الزمان اللعين .. صباح ذلك اليوم غابت السلطة في أفق المدينة تماماً واستباحت مجاميع من ضعفاء النفوس كل شئ في عدن ، نهبوا المؤسسات والمرافق العامة  ومخازن الشركات والمجمعات الاستهلاكية ومخازن الأغذية والمصانع وبعض المنازل والفلل في خور مكسر .. استمر النهب والسلب والتخريب لمدة يومين ليلا نهاراً .. في مساء ذلك اليوم وقبل مغادرتي إلى كريتر  أخذت كل أشيائي الخاصة من مكتبي في الطابق الرابع بمنى التلفزيون بالتواهي (القناة الثانية حينها) ، ملفات ، كاسيتات أغاني ، أدوات مكتبية ، كتابين و عدد من المجلات والصور والأوراق الخاصة بي !! عندما نزلت إلى الطابق الأرضي دخلت استديو 2 ووجدتُ مجموعة من الزملاء  يتجاذبون أطراف الحديث بتفاؤل شديد  ويصرون على أن هناك قرار دولياً سيتم الإعلان عنه الليلة يعتبر عدن خطاً احمر !! وبموجبه ستنسحب القوات الغازية من ضواحي عدن ، حتى أن احدهم (س ك) طلب استضافتي في برنامجه التلفزيوني اليومي  لنطمّن المواطنين أن هناك موقف دولي منتظر ونطلب منهم الهدوء والسكينة والانتظار .. قلت له : مراسل تلفزيون صنعاء (القناة الأولى) يبث تقاريره الإخبارية من المملاح بجانب الصالة الرياضية المغلقة ويتحدى القناة الثانية تكذيب ذلك ويصفها بـ (القنينة الثانية ) ماذا  سترد عليه ؟ وعن اي قرار دولي تتحدث في ظل الصمت الدولي الرهيب !! من الذي قال لك ذلك ؟ رد على الفور إن مسئولاً كبيراً هو الذي ابلغه بذلك وطلب منه طمأنة المواطنين عن طريق بث أحاديث حول أهمية القرار وضرورة انتظاره !! كنت اعرف انه يكذب ويريد أن يقنعني فقط بهذه الفرضية الواهية ليس إلا.. غادرت مبنى التلفزيون ولم اعد إليه إلا بعد ثلاث أيام . 
عندما عدنا إلى التلفزيون كان كل شئ قد نُهب تقريباً والخبرة يصولون ويجولون داخل المبنى كنا نتعرض لكل أساليب الاستفزاز والتطفيش والظلم  ..  استمر الحال هكذا وتم توقيف العديد من الكوادر عن العمل وسُجن لعدة أسابيع حوالي 11 مهندساً وفنياً ومصوراً بتهمة التخريب المتعمد .. تم تغيير الكثير من المسؤولين وجاءت وجوه جديدة وتلخبطت كل القيم بظهور مجموعة من المنافقين الذين اضروا بسمعة القناة وسمعتنا جميعاً مقابل بعض المناصب التي درت عليهم حفنة من الأموال المدنسة وحولتهم الى مخلوقات مسعورة لا تكف عن أذية الخلق .. تغير كل شئ وكأنه تسونامي مر علينا !! هُمشت القناة، ارتبطت برامجها ونشراتها الإخبارية بقناة صنعاء وظلت قناتنا  تردد ما يقولوه من أخبار عن يوم النصر العظيم  7 يوليو والانتصارات التي تُعظم وتبجّل شخص المشير القائد صبحاً ومساءاً لمدة ساعات طويلة . ومقابل هذا تحصلَ المطبّلون والمزايدون على إمتيازات مادية سخية وشقق على ساحل ابين وأراضي في عدن وكل مناطق الجنوب !! كان المخلوع يصرف العقارات والأراضي لأبناء الشمال جماعات وأفراد حسب الأهمية والمقام والصلة .. من أولئك الناس الذين اعرف قصتهم اثنين من المدراء في تلفزيون صنعاء قابلت احدهم عندما جاء يومها إلى تلفزيون عدن و شعرة وملابسه تغطيها الأتربة وقد أثار فضولي ذلك المنظر الغير مألوف فسألته : من فين واجي ؟ قال : من الفيوش في لحج ؟ (نطق الفيوش بتشديد الياء على وزن الفيّوم ولكن احد المتملقين المتواجدين صحح له الاسم ) زاد فضولي أكثر : ايش معك في الفيوش ؟ قال بكل بجاحة : صرف لنا الرئيس أنا وفلان  أراضي زراعية هناك (من عشرة فدان) وننوي تحويلها إلى مزرعة !! كان حديثه صدمة كبيرة بالنسبة لي .. لم استوعب هذا المنطق الذي يبيح لهم الحصول كل شئ ويحرم علينا حتى الحرية والعيش بكرامة . هذا مثال  واحد فقط على العبث والاستباحة والقهر الذي تعرض له الجنوب وكنت دائماً اسمع الناس في عدن ولحج عندما يشاهدوا باطلاً كهذا يقولون عبارة واحدة للتعبير عن رفضهم : " الله لا سامحك  يا علي سالم " .
تلك المزارع والمنازل و المصانع والمشاريع الوهمية التي صُرفت ، حولّها المخلوع إلى مخازن ومخابئ  للأسلحة والعتاد الحربي ومراكز جمع المعلومات والتجسس على المواطن الجنوبي الذي أنهكته الأزمات وشتته الفتن وويلاتها وانشغل  بتوفير لقمته في ظل الغلاء المتصاعد للمعيشة .
كان المخلوع يراهنُ على احتلال عدن خلال 24 ساعة فقط !! لكن عدن 2015 ليست عدن 94م .. أنها الآن عصية على الحوفاشيين وأذنابهم ، برجالها ونسائها وشبابها  الأبطال  الذين سطروا بدمائهم وأرواحهم بطولات تاريخية لا مثيل لها للذود عن ترابها وكرامة أهلها .. جعلوها حصناً منيعاً تتكسر عليه كل ترسانات وأحلام الحوفاشيين العدوانية البشعة . 
حتماً سينتصر شعب الجنوب ولن ينتظر أي قرار دولي ! وسيعم الفرح في عدن الحبيبة .. سنستعيد كل ما نهبوه واستباحوه من أرضنا بفضل تكاتفنا ووقوفنا صفاً واحداً لا يقهر . 
  ــــــــــ