Powered By Blogger

السبت، 13 سبتمبر 2014

  صحيفة الامناء الخميس 11 سبتمبر 2014م  

 *  تلفزيون عدن  في ذكراه الخمسين    

أحمد محمود السلّامي



    أول الصور التجريبية كانت لحركة البواخر في ميناء عدن
يوم الجمعة 11 سبتمبر 1964م كانت عدن على موعد مع الحدث الإعلامي والثقافي والاجتماعي الكبير  وهو بدء الإرسال التلفزيوني وسط  اندهاش وإعجاب أبناء عدن بهذا الاختراع العجيب الذي لم يروا مثله من قبل ، كانت المحطة التلفزيونية الصغيرة تبث إرسالها من دار حسن علي الذي تم استئجاره وترميمه وتجهيزه خصيصاً لهذا الغرض على جبل صغير بالقرب برج الساعة  بالتواهي فوق الميناء مباشرة وكان الفنيون يوجهون الكاميرات التلفزيونية الضخمة إلى الميناء لالتقاط  حركة دخول وخروج البواخر واللنشات في منظر حي ورائع بالأبيض والأسود . ولم تمضي أسابيع حتى اعتلت أسطح المنازل والعمارات الهوائيات الخاصة باستقبال البث التلفزيوني من كل حجم ونوع ، بعد أن سارع  المواطنون إلى شراء أجهزة التلفزيون وهذا يدل على وعيهم وثقافتهم المدنية التي غيرت من خطة مسؤولي التلفزيون بإعطاء مساحة اكبر للبث باللغة العربية وإلغاء بعض البرامج التي كانت تبث بالانجليزية . بدأت المحطة باستخدام جهازي بث 100 وات ركبت في قناتي 9 و 10 التي كانت تغطي عدن  وأجزاء من لحج وابين .
خمس وحدات صغيرة أُسست تلفزيون عدن
قبل بدء البث وفي فترة الإعداد الفني كان العمل يبدأ الساعة الثامنة صباحاً وينتهي في الحادية عشر مساءً بإشراف خبراء بريطانيون وقد تم تقسيم العاملين إلى خمس وحدات صغيرة على النحو التالي ـ 1ـ وحدة الإخراج وتكونت من :  محمد عمر بلجون ، علي الزريقي ، ابوبكر العطاس ، عبد الرحمن باجنيد . 2ـ وحدة إنتاج الأفلام وتكونت من رئيس الوحدة علوي السقاف واشرف جرجرة ومصورين هما علوي علي اليافعي ومحسن باعمر .  3ــ وحدة التصوير تكونت من رياض عنتر  و عيدروس عبد الرحيم وعبد العزيز خان وأنيس عبدالله حسن . 4ــ وحدة الرقابة الرئيسية وتكونت من اثنين هما سالم بامدهف و حمدي صالح . 5 ــ وحدة تركيب وتشغيل الاجهزة تكونت من : حامد محمد احمد ، محمد يعقوب ، ياسين مصوعي ، احمد نبيه ، محمد عبدالله الشعيبي ، طه فارع .
مذيعين ومخرجين ومصورين وفنانين في وقت واحد
المذيعين الأوائل لتلفزيون عدن كانوا بالإضافة إلى ظهورهم في الشاشة لقراءة الأخبار أو تقديم البرامج كانوا يؤدون أكثر من مهمة في التصوير والإخراج وإنتاج الأفلام السينمائية (16 مم) لتغطية الفعاليات المحلية . وهم : حسين الصافي ، محمد عمر بلجون ، علوي السقاف ، ابوبكر العطاس ، عبد الرحمن باجنيد  . ومن الإذاعة عبد الحميد سلام و عديلة بيومي التي كانت تقدم برنامج " دنيا الاطفال"  و فوزية غانم التي كانت تقدم برنامج " دنيا المرأة " التي لم تسمح لها ظروف عملها في الإذاعة بالظهور كثيراً في التلفزيون فتولت البرنامج المذيعة والقاصة فوزية عمر . كانت كل البرامج تقدم على الهواء مباشرة لعدم وجود جهاز الفيديو الخاص بالتسجيل نتيجة شحة الإمكانيات المادية . ومن أشهر برامج السهرة في تلك الفترة كان برنامج (جنة الألحان ) وكان يقدم مساء كل خميس من الساعة 9 الى الحادية عشر ، وهو برنامج فني تحييه فرقة التلفزيون التي اشرف عليها الفنانان احمد قاسم والأمير محسن بن احمد مهدي ، وكان يقودها عازف الكمان علي فقيه  وتضم في عضويتها العازفين : نديم عوض ، صلاح  ناصر كرد ، سعودي  احمد صالح  ، عمر غابة ، حسين فقيه ، وعازف الإيقاع فضل ميزر ، محمد عوض المسلمي عازف الدف ، والفنانين: عبد الكريم توفيق ،ابوبكر سكاريب ، اسمهان عبدالعزيز ، رجاء باسودان ، صباح منصر ، نادية عبدالله ، وآخرين .
 تفاعل المشاهدين مع الأفلام والمسلسلات
في سنواته الأولى كان تلفزيون عدن يعرض الأفلام العربية (المصرية) مثل أفلام عبدالوهاب وفريد الأطرش وفريد شوقي والأفلام الأجنبية والمسلسلات الأجنبية منها مسلسل القديس ((the saint ، و مسلسل الكاوبوي الأمريكي (Bonanza) ومسلسل العبطاء الثلاثة ((The Three Stooges ومسلسل الهارب (The Fogitive) الذي استغرق عرضه أربع سنوات وكان  عبد الرحمن باجنيد يقوم بترجمته مباشرة على الهواء بأسلوب مبسط مزج بين الفصحى والعامية، وهي توليفة مرغوبة لدى المشاهدين . وقد تفاعل الناس في عدن مع تلك الأفلام والمسلسلات وكانوا يقلدون أبطالها في حركاتهم وتصرفاتهم ويطلقون على بعضهم البعض أسماء شخصيات الفيلم او المسلسل ، فهذا أطلقوا اسم عنتر وذاك لبس قبعة البحارة مثل جاليجان وعلق به هذا الاسم ، حتى ان الابن الصغير لحسين الصافي (مراقب عام الإذاعة والتلفزيون) بونانزا ولبس لباس رعاة البقر . وبالإضافة إلى هذا كان التلفزيون يعرض حلقات من المصارعة والمباريات الأجنبية القديمة .
كاميرات وأجهزة أخرى ضاعت في صندوق وضاح
عند افتتاح تلفزيون في سبتمبر 1964م زود بكاميرات استديو من نوع Pye وهي ضخمة وثقيلة وباهظة الثمن مقارنة مع كاميرات ومعدات اليوم .. وكان يتعين على الفنيين بالقيام عملية الإحماء لأنبوب الكاميرا الضخم الخاص بالصورة الذي يكون في درجة حرارة التشغيل وتظل مستقرة لبقية الوقت لضمان عدم وجود التشويه الهندسي وأن تكون الإعدادات المثلى متطابقة مع بعضها البعض في جميع كاميرات أستوديو . كان بالضرورة الاحتفاظ بتلك المعدات في متحف حتى يستطيع الجيل الجديد الوقوف عليها وتقييم تجربتها. ولكن تم إهمالها  ووضعت مع أجهزة أخرى داخل حاوية حديدية تم إخراجها عام 1995م إلى جهة غير معروفة !
تجاهل رسمي واضح
وكعادتها تجاهلت وزارة الإعلام والمؤسسة اليمنية للإذاعة والتلفزيون  هذه المناسبة وكأن شئ لا يهمها !! حتى قيادة القناة الحالية المتمثلة بالأخ فارس عبدالعزيز القائم بأعمال رئيس قطاع قناة عدن الفضائية (المهندس محمد غانم الذي سافر في رحلة علاجية ) لم تكلف نفسها حتى بإقامة لقاء تبادل خبرات بين الأجيال المتعاقبة على العمل في التلفزيون وهذا لا يكلف اي مال ، لو كُلفت مجموعة من الشباب بإقامة احتفالية بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا لكانوا أقاموها على أفضل ما يرام .. مع كل هذا نحن سنحتفل بقلوبنا ومعنا كل أبناء عدن ولحج وأبين وكل المدن الجنوبية الحبيبة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

بعض الأسماء والأرقام مأخوذة من :
* ذكريات تلفزيونية / محمد عمر بلجون (أول مدير لتلفزيون عدن) التلفزيون الوليد نشرة خاصة 1965م
* كتاب زوايا من تاريخ ولاية عدن
* محمد عمر بلجون..مبدع في الإعلام المرئي والمسموع .. عدن المنارة .

ـــــــــــــــــــــــــ

السبت، 6 سبتمبر 2014

صحيفة الامناء الخميس 4 سبتمبر 2014م 

      جيش الجنوب كان صرحاً فهوى     

أحمد محمود السلّامي



    الجيش الجنوبي أو جيش (ج ي د ش) كان صرحاً عسكرياً قوياً وكبيراً وتحطم ! تقاذفت به أمواج الصراعات الداخلية والخارجية والأهواء النرجسية للقادة السياسيين الذين غرروا بالكثير من ضباطه وأفراده .. كانت الضربة الموجعة التي وجهت إليه أول مرة عندما قسّمه السياسيون في 1986م إلى قسمين معَ وضدْ واقتتلا الطرفان وفي رأيي لم ينتصر احد ! لأن الوطن خسر جيشه  !! أما الضربة التي أطاحت به كانت عندما اندمج مع جيش (ج ع ي) وشتان ما بينهما ، وبعد حرب 1994م لفظ أنفاسه الأخيرة ، واستبيحت معسكراته ونهبت خزائنه وشردوا أفراده وضابطه  فهوى وأصبح ذكرى .
جيش الجنوب لم يبنى في ليلةٍ وضحاها ! حتى وإن كانت ذكراه تشير إلى عام 1971م وهو العام الذي حُدثَ فيه إلا أن البدايات والتكوين الحقيقي بمراحله المختلفة كان قبل هذا التاريخ ، ففي عام 1915م وبعد معارك دامية احتل الجيش التركي سلطنة لحج إلى منطقة الرابط وكانت مستعمرة عدن تشعر بتهديد حقيقي من الجيش التركي لهذا عمدت إلى تشكيل فرقة قبلية غير نظامية لمناوشة الأتراك وجمع المعلومات العسكرية عن قواتهم ، وقد نجحت الفرقة في مهمتها حيث تم استيعابها ضمن الجيش النظامي تحت مسمى الكتيبة  العربية الأولى مشاة ، وكانت تتمركز في الشيخ عثمان في معسكر ليك لاين نسبة مؤسسها الرائد إ م .سي . ليك (معسكر عبد القوي حالياً) . في الأول من ابريل 1928م تأسس جيش محمية عدن (الليوي)  وكانت مهمته تامين مطارات المستعمرة وتقديم الدعم لقوات الشرطة  وقت الضرورة ،  وقد تطورت هذه النواة العسكرية النظامية إلى أن أصبحت جيشاً نظامياً يضم خمس كتائب مدربة تدريباً عالياً وكانت تعرف بجيش الاتحاد النظامي الذي تأسس في نوفمبر 1961م ، يونيو 1967م تم دمج الحرس الاتحادي مع جيش الاتحاد النظامي وجيش البادية الحضرمي تحت مسمى (جيش الجنوب العربي ) وكان أول قائد عربي للجيش العقيد ناصر بريك العولقي . بعد الاستقلال سُمي بجيش ج ي ج ش قيادته العقيد محمد احمد بن موقع لفترة قصيرة وحسين عثمان عشال وعلي عبد الله ميسري وعلي عنتر .  ارتبط الاحتفال بعيد جيش ج ي د ش  بتاريخ تأسيس الكلية العسكرية  1 سبتمبر 1971م لما لها من أهمية في رفد الجيش بضباط على مستوى ممتاز من التدريب والإعداد القتالي ، فيما واكب ذلك تأهيل خارجي في القيادة والأركان والطيران والبحرية ، وقد لعبت العلاقات الجيدة مع الاتحاد السوفييتي دوراً كبيراً في إمكانيات تسليح الجيش بمختلف الأسلحة الضاربة حيث وصلت الى ذروتها في ثمانينات القرن الماضي عندما وقعت اليمن الديمقراطية معاهدة الصداقة والتعاون عام 1981م مع موسكو .  
لعلنا عندما نعيد إحياء هذه الذكرى نشعر بالأسى والحزن لما أصاب صرحنا والذي كنا نفخر به ونزهوا بالحديث عن تاريخه ومآثره المشرّفة ، ولكن هذا الشعور والتباكي لن يفيد والأحلام لن تفيد واستغلال هذه الذكرى أو غيرها من المحطات التاريخية لأغراض سياسية براجماتية سيساهم كثيراً إلى استدعاء حالات الانقسام السابقة والتي ستكون أكثر حدة هذه المرة ربما تفتت شعب الجنوب وأراضيه وثرواته ، حينها لن نشعر بالأسى والحزن والإحباط فقط بل بالنهاية المحتومة . الأمل كل الأمل معلق على الشباب  في إعادة بناء صروح الوطن وترميم ما تبقى منها وعلينا نحن الآباء توجيههم ومساعدتهم على التحصيل العلمي وإبعادهم عن حلبات الصراع والموت ، فهم رأسمالنا وثروتنا البشرية ومتى ما صلحت صلح معها كل شئ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 الرابط : http://alomanaa.net/uploads/files/1409905136.pdf